الاعاقة
تحياتي
في وقت سابق تحدثنا عن نظرية الوقت المستقطع و اثرها
في التربية...
و في عطلة نهاية الاسبوع ذهبت الي احد الكافيهات لتناول
مشروبي المفضل...و لفت نظري ام و برفقتها ابنها الذي كان
من ذوي الحاجات الخاصة....
و فكرت في كتابة موضوع عن ذوي الحاجات الخاصة ، الموضوع
بالطيع ليس موضوعا متخصصا و لكنها لمحة سريعة ...لالقاء
بعض الضوء علي بعض الجوانب لهذه الفئة.
ما هي الاعاقة ؟
مصطلح الإعاقة يعني عدم قدرة الفرد على اكتساب الطاقات الكاملة أو إنجاز المهام
أو الوظائف التي تعتبر طبيعية لهذا الشخص مما يؤدي إلى انخفاض في قدرته
لأداء دوره الاجتماعي كنتيجة للضعف أو التدريب غير الملائم لهذا الدور .
وفي مجال الأطفال فأن هذا المصطلح يعني وجود ضعف أو ظروف صحية معينة
التي يحتمل أن تعيق النمو الطبيعي للطفل أو القدرة على التعلم.
في عام 1980م نشرت منظمة الصحة العالمية التصنيف الدولي للضعف ، العجز ، والإعاقة
والذي يعتبر محاولة لتقديم تصنيف منظم للنتائج والتأثيرات المتسلسلة التي تحدث نتيجة
المرض . الإعاقة قبل أن تحدث تمر بمراحل أو سلسلة من الأحداث الهامة وهي :
مرض | ضعف | عجز | إعاقة |
ما هو المرض ؟
هو مشكلة صحية مثل الشق الحلقي ، التهابات المفاصل ، أو أمراض القلب الخلقية .
ما هو الضعف ؟
هو أي فقدان أو شذوذ للوظائف النفسية والعضوية والتشريحية للإنسان ويعتبر
الضعف خلل على مستوى الأعضاء مثل تشوه أو فقدان عضو أو طرف من الأطراف
، فقدان البصر ، أو فقدان للوظيفة العقلية .
العجز :
أي قصور أو فقدان ( كنتيجة للضعف ) للقدرة على إنجاز أي نشاط من الأنشطة التي
تعتبر طبيعية للإنسان البشري وهذا المصطلح يعكس الآثار المترتبة عن الضعف بلغة
الأداء الوظيفي أو النشاط الذي يقوم به الفرد . وهكذا فأن العجز يمثل خلل على مستوى الشخص .
الإعاقة :
الظرف المعوق للشخص الناتج عن الضعف أو العجز الذي يحد أو يمنع إنجاز الوظائف
التي تعتبر طبيعية ( حسب عمره وجنسه وحالته الاجتماعية والثقافية ) لهذا الشخص .
وهكذا فأن الإعاقة تمثل التفاعل والتكيف مع البيئة المحيطة للشخص .
لنأخذ الحوادث المرورية على سبيل المثال لنفهم هذه المصطلحات بشكل جيد:
حادث مروري | مرض ( أذى جسدي ) | |||
فقدان أحد القدمين | ضعف | |||
عدم القدرة على المشي | عجز | |||
بطالة ( عدم القدرة على العمل ) | إعاقة |
والإعاقة قد تكون داخلية أو خارجية ، فمثلا فقدان البصر يعتبر إعاقة داخلية
ولكن فقدان أحد الوالدين يعتبر إعاقة خارجية . وأن إعاقة ما قد تولد إعاقة أخرى ،
لذا تسمى الإعاقة ابتدائية وثانوية لإظهار هذه العلاقة ، ففقدان البصر هو إعاقة
ابتدائية والتي تؤدي إلى الفقر الذي يعتبر إعاقة ثانوية .
عادة يصنف الأطفال المعاقون إلى المجموعات التالية :
1-
الأطفال المعاقون بدنياً ( إعاقة بدنية ) : هذا النوع يشمل الأطفال فاقدو البصر ،
الأطفال الصم البكم ، الأطفال ذو الشق في الشفة العليا ، الشق في الحنك ،
تشوه القدم و الطفل الكسيح .
أسبابها : ناتجة عن إمراض مثل شلل الأطفال ، الشلل الدماغي ، أمراض القلب الخلقية ،
حوادث الطرق ، الحريق وأنواع الأذيات الجسدية الأخرى . وهذه الحالات يمكن
تلخيص مسبباتها إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
عيوب الولادة
العدوى .
الحوادث العرضية .
وهذه يمكن الوقاية منها إلى حد كبير من خلال الرعاية الصحية قبل وأثناء
وبعد الولادة وأيضا بواسطة الاستشارات المتعلقة بالوراثة .
2- لأطفال المتخلفون عقلياً ( الإعاقة الذهنية ) : وهي الحالة من دون المعدل من
الوظائف الذهنية حينما يقل مستوى الأداء العقلي ( معدل الذكاء ) عن الـ 70 ـ 75
مع وجود صعوبات واسعة في مهارات التأقلم ويعتبر الوقت الأنسب لمعرفة واكتشاف
التخلف العقلي هو البحث عن أي تأخر يحدث في مراحل في نمو الطفل .
الأسباب : هناك عدة مسببات للإعاقة الذهنية منها ما يؤثر على نمو المخ قبل الولادة ،
أثناء الولادة أو في فترة الطفولة المبكرة ، وقد تم اكتشاف المئات من المسببات
ولكن يبقى السبب غير معروف عند ثلث الأشخاص المصابين .
والأسباب الرئيسية الثلاثة للإعاقة العقلية هي:
متلازمة داون
متلازمة أكس الضعيف
وتعاطي الأم المشروبات الكحولية.
ويمكن تصنيف الأسباب بشكل عام إلى المجموعات التالية :
الحالات الجينية الوراثية : وهي تحدث بسبب خلل في الجينات المورثة من
الوالدين أو عند التقاء جيناتهما ، أو بسبب اضطرابات أخرى تحدث للجينات
خلال مرحلة الحمل بسبب الالتهابات ، أو كثر التعرض للأشعة أو عوامل
أخرى ، وهناك أكثر من 500 مرض جيني مرتبط بالإعاقة الذهنية
مثل P K U وهو اضطراب يصيب إحدى الجينات ويعرف باضطراب الأيض
الذي يحدث بسبب نقص أو خلل في أحد الأنزيمات . وهناك متلازمة داون التي
تعتبر مثالاُ على الاضطرابات المتعلقة بالكروموسومات ، و هناك متلازمة أكس
الهش التي تحدث بسبب خلل في كروموسوم أكس وتعتبر هذه المتلازمة
السبب الوراثي الأكثر شيوعاً للإعاقة الذهنية .
مشكلات أثناء الحمل : مثل استخدام المواد الكحولية أو المخدرات من قبل الأم
الحامل ، وقد بينت الدراسات الأخيرة مسؤولية التدخين عن زيادة مخاطر الإصابة
بالإعاقة العقلية. والعوامل الأخرى التي تزيد من مخاطر الإصابة بالإعاقة العقلية
تشمل : سوء التغذية ، بعض الملوثات البيئية ، مرض الأم أثناء الحمل مثل
الإصابة بالحصبة الألمانية ، الزهري ، وكذا إصابة الأم بمرض
نقص المناعة المكتسبة ( الايدز ) .
مشكلات تحدث أثناء الوضع : وأبرزها هو عدم اكتمال مدة الحمل وانخفاض وزن
الطفل عند الولادة ، بالإضافة إلى أذيات الولادة ، ونقص الأوكسجين والشلل الدماغي .
مشكلات تحدث بعد الوضع : حيث أن أمراض الطفولة مثل السعال الديكي ،
و جدري الماء و الحصبة و التهاب السحايا وغيرها يمكن أن تلحق ضرراً
كبيراً بالمخ ، وكذا أية حوادث أخرى لتعرض رأس الطفل إلى ضربة قوية ،
كما أن المواد البيئية السامة كالرصاص والزئبق يمكن أن تلحق ضرراً
كبيراً بالجهاز العصبي للطفل.
عوامل أخرى : مشاكل الفقر كسوء التغذية عند الطفل
( نقص البروتينات و نقص اليود ) ، سوء التغذية عند الأم
، زواج الأقارب ، الحمل بعد سن الأربعين ، كلها مرتبطة بالتخلف العقلي .
الحرمان الثقافي : فالأطفال الذين يعيشون في المناطق الفقيرة المحرومة
يحرمون من الخبرات المعيشية والثقافية اليومية التي يمر بها نظراؤهم
في المناطق المتطورة .
3- الأطفال المعاقون اجتماعيا ( الإعاقة الاجتماعية ) : الطفل المعاق اجتماعيا
يعرف بأنه الطفل الذي يفتقد لنمو شخصية متوازنة والإظهار الكامل
لإمكاناته تعاق بعوامل في بيئته الاجتماعية ، مثل عدم كفاءة الأبوين ، ونتيجة
للحرمان الثقافي والاجتماعي . الأطفال المعاقون اجتماعيا يشمل أيضاً
الأطفال اليتامى نتيجة موت أو فقدان أحد أبويهم ، والأطفال المهملين
والفقراء المعدمين . وينبغي الإشارة إلى أن الأطفال المعاقين جسدياً
وعقلياً يواجهون إعاقات اجتماعية إلى حد أنهم يكونون منبوذين اجتماعيا .
و فيما يلي سنوجز بعض البرامج التعليمية لفئة المعاقين عقليا حيث انهم
الاولي و الاشد حاجة الي ذلك من اصحاب الاعاقات الاخري مثل الاعاقات
السمعية و البصرية.
هناك رأيان حول تعليم المعاقين ذهنيا:
ـ الراي الاول يري ان ما يتعلمه المعاق ذهنيا شبيه بما يتعلمه الشخص العادي
الا ان ما يتدرب عليه الثاني في سنه يتعلمه الاول في سنتين او ثلاثة.
ـ الراي الثاني يري ان المعاق يختلف عن قرينه العادي في النواحي الجسمية
و العقلية و الاجتماعية و بالتالي فأن اساليب وبرامج تعليمه تختلف كما و كيفا
عن اساليب و برامج العاديين.
التربية الخاصة تعني تعليم المعاقين عقليا ما يسمي الثلاثة آر ، أي تعليمهم
القرأة و الكتابة و الحساب...علما بأن حوالي 75 % من المعاقين عقليا قابلون
للتعلم.
و قد يكون للتربية الخاصة معني اخر وهو الثلاثة اتش : اي تعلم كل ما يفيد
في الحياة اليومية عن طريق اليد و الراس و القلب....و هذا يعني ان جيمع
المعاقين قابلين للتعلم.
الطرق التربوية المعاصرة :
1- طريقة التعليم المبرمج : تبين ان هذه الفئة من فئات غير العاديين
تتعلم بسرعة إذا أعدت مناهج الدراسة إعدادا جيدا ...و برمجت بدقة
و عناية... وفي هذه الطريقة يتحسن تحصيل الاطفال كثيرا و يظهر التحسن
في زيادة الحصيلة اللغوية و القدرة علي الكتابة و الحساب.
ووضع " جيمس ل.إيفانز ( James L. Evans) اسس برمجة مناهج
المعاقين عقليا علي النحو التالي :
- تقسيم الموضوع الي خطوات صغيرة يمكن للطفل اسيعابها بسهولة.
- إعطاء الطفل الوقت الكافي للبحث عن الاجابة الصحيحة بنفسه
لكي يكون إيجابيا في موقف التعلم ، و يصل للاجابة الصحيحة بنفسه
و يدونها كتابة فيتعلم اسرع من التلقين.
- معرفة الطفل نتيجة تعلمه بسرعة فيعرف مباشرة ان الاجابة التي
توصل اليها صحيحة أو خاطئة ، فقد وجد ان الطفل الذي يعلم مباشرة
نتيجة عمله فور انتهائه منه ، يتعلم اسرع من الطفل الذي يعرف التنتيجة
بعد عدة ايام.
- اعطاء الطفل الوقت الكافي لتحصيل كل خطوة من خطوات البرنامج بحسب
قدراته و امكانياته العقلية و الشخصية ...
- مراجعة البرمجة و تعديل الخطوات التي تحتاج الي تعديل و تبسيط الخطوات
التي يخطيء فيه كثير من الاطفال.
بعض التوجيهات العامة للعاملين في مجال الاعاقة العقلية :
1- التدرج في تعليم المهارات التعليمية و التقليل من خبرات الفشل:
لذلك ينصح بالبدء في تعليم المهام الاسهل ثم الانتقال الي المهام
الاكثر صعوبة. و تقسيم المهمة الواحدة الي مهام فرعية يتطلب القيام بها
مهارات مختلفة.و يتم التقسيم وفق تسلسل اداء المهامو ملاحظة
أداء المعاق عقليا للمهمة قبل التدريب عليها ..
.و يسمي هذا الاسلوب في التعلم بـ " اسلوب تحليل المهمة ".
2-معاونة الطفل المعاق عقليا أثناء الاداء و خفض المعاونة تدريجيا:
ينبغي علي المعلم ان يقدم للطفل المساعدة اللازمة له للتوصل الي
استجابة صحيحة حين يكون الطفل في حاجة الي هذه المساعدة
و تتم خفض نسبة المساعدة للطفل تدريجيا اثناء عملية التعلم.
3- تكرار التعلم : ينبغي تكرار عملية التعلم لمرات عدة حتي تتكون
لدي الطفل عادات تعليمية محددة و يكتسب المهارة و المعرفة.
هذا يجعل الطفل في حاجة الي مدة زمنية اطول من قرينه العادي في
التعلم او التدريب علي اكتساب مهارات اجتماعية معينة.
و لابد ان يجذب المعلم او المدرب انتباه الطفل و تشجيعه علي الانتباه
و الملاحظة ، كما يكافأه علي كل نجاح.
4- تحسين القدرة علي الانتباة و التقليل من كل ما يشتت الانتباه:
يجب تقليل كل ما من شأنه ان يشتت انتباه الطفل المعاق عقليا اثناء الموقف
التعليمي...و تحفيز الطفل علي تحسين قدرته علي الانتباه.
و تقليل فترة التعليم بحيث لا تزيد عن 20 دقيقة ...حتي لا يشعر
الطفل بالارهاق و من ثم يتشتت انتباهه. و يمكن مساعدة الاطفال علي الانتباه
باستخدام :
- موسيقي هادئة...حتي يمكن التغطية علي الاصوات الخارجية التي قد تشتت
انتباه الطفل.
- استخدام الالوان المناسبة بقدر الامكان....و يجب ان تكون الاوراق التي توزع
علي الاطفال ملونه بقدر الامكان لجذب انتباههم.
- استخدام مساحات و اسعة نسبيا بين الكلمة و الصورة ...و زيادة الهوامش.
- الاشارة الي الكلمات التي سيتعلمها من الدرس او ما يسمي بمفاتيح الكلمات وذلك
باستخدام الوان مختلفة لكتابة هذه الكلمات.
- استخدام الصور و الاشكال بقدر الامكان .
5ـ الاستخدام الفعال للتركيز:
وفيه يقوم المدرس بتعزيز الاستجابات الصحيحة لتدعيم نتائج التعلم. وقد يكون
التعزيز ماديا كالطعام و الحلوي أو معنويا كالابتسامة و الشكر و المديح. او
بالسماح بالمشاركة في نشاط رياضي او مشاهدة التليفزيون.
6ـ معرفة الطفل نتائج تعلمه:
يجب إطلاع الطفل علي نتائج تعلمه ليعلم أخطائه و مقدار تقدمه.
7ـ التأكيد علي توظيف التعليم العياني:
يعاني المعاقون عقليا في مجال التفكير المجرد لهذا علي المدرسين
ان يحاولوا ما استطاعوا ان ربط المعلومات المجردة باشياء حسيه
ملموسة...مثال: تعليم الطفل معني الضحك نقرنه بصورة لطفل يضحك..
8ـ التركيز علي الفهم:
ينبغي ان يركز المدرس علي اختيار موضوعات يمكن للطفل من تعلمها
بدقة و مناسبة لمستوي ادراكه و فهمه.
9ـ عدم استعجال ظهور الاستجابة :
لابد للمدرس او المعلم من التأني و عدم استعجال ظهور استجابة.
فالطفل المعاق يحتاج الي وقت اطول من غيره للاستجابه الي المثير
في شكل سؤال مثلا...
10ـ العقاب علي الاخطاء :
العقاب المقبول و البسيط قد يؤدي بالطفل الي الحذر و يدفع الطفل الي
محاولة تقليل الخطأ تجنبا للعقاب مرة ثانية. وفي هذا الصدد ينبغي ان:
- يكون العقاب بعد الخطأ مباشرة.
- يتناسب و خطا الطفل فلا يكون شديدا و لا ضعيفا.
- لا يجرح كرامة الطفل فيشعر بالاهانه و يتجنب الاخرين.
- لا تستخدم اليد في العقاب ...الا في الضرورة القصوي.
11ـ التنويع في طرائق و اساليب التعليم:
التنويع في اساليب التعليم و طرائقة له اهمية خاصة و كبيرة في
تعليم المعاقين عقليا. فيجعل التعليم أكثر إثارة و تشويقا للطفل.
و يمكن للمدرس او المعلم استخدام اسلوب التعليم الفري او مجموعات
صغيرة لادماج الطفل مع بعض اقرانه. و قد يلجا أيضا الي استخدام
طريقة المحاولة و الخطأ.او استخدام اسلوب النماذج حيث يعرض
نموذج الاداء المطلوب فيقوم الطفل بملاحظته و التقليد...و يمكن
ان يكون المعلم نفسه او طفل اخر نموذجا طبيعيا...او بمشاهدة
الفيديو...
ــــــــــ
ان التعامل مع اصحاب الاعاقة يتطلب الكثير من الجهد خاصة المعاقين
ذهنيا...و يتطلب المثابرة و الصبر...و عدم اليأس ...و اذا احتسبنا
عملنا هذا في سبيل الله فلن نشعر بالكلل او الملل...و الله عنده حسن الثواب.
بقي ان أسألكم الدعاء لكل من ساهم بتاليف او كتابة اي مادة تتعلق بهذا
الموضوع...فهذا ابسط شيء نقدمه لهم...رحم الله و الديهم و جزاهم هم
خير الجزاء....و جعل عملهم هذا في ميزان حسناتهم.
المراجع: كتاب : سيكولوجية ذوي الحاجات الخاصة
تأليف الدكتور عبد الرحمن سيد سليمان ، استاذ الصحة النفسية
الكتاب (4 ) اجزاء.
الروابط :