الأحد، أغسطس ٣١، ٢٠٠٨


تحياتي
و صلتني علي الايميل هذه التهنئة بشهر رمضان الكريم
و يسرني ان اهديها الي كل واحد منكم بصفته...كما
ارجو ان تنال اعجابكم....
و كل عام و انتم بخير....تقبل الله منا و منكم صيامنا
وقيامنا ...و سائر طاعاتنا...


صوما مقبولا و افطارا شهيا ان شاء الله...و تقبل الله منا جميعا.

الأربعاء، أغسطس ٢٧، ٢٠٠٨


قضية الرزق


في حياتنا اليومية جميعنا نطلب الرزق و سعة الرزق و في سبيل ذلك يسعي
البعض منا طلبا للرزق....و لكن البعض يتقاعس و يتكاسل....و بين السعي و التوكل
...و التقاعس و التواكل يظل الجميع
يدركون ان الرزق هو من عند الله....و أنه هو سبحانه و تعالي الرزاق المتين.
دعونا نستعرض بعض الجوانب في موضوع الرزق و نلقي بعض الضوء عليها
لانها من القضايا التي تمس صميم العقيدة.

يقول الدكتور محمد عمارة:

قضية الرزق من حيث الإيمان به جزء مهم من الاعتقاد في الله تعالى،
فالله سبحانه تكفل للخلق بالرزق مهما كانوا وأينما كانوا، مسلمين أو كافرين،
كبارًا أو صغارًا، رجالا أو نساء، إنسًا وجنا، طيرًا وحيوانا، قويًّا وضعيفًا، عظيمًا وحقيرًا؛
قال تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا
وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [هود: 6]

والرزق لغةً: العطاء دنيويًّا كان أو أخرويًّا.


والرزق أيضًا ما يصل إلى الجوف ويتغذى به، يقال: أعطى السلطان رزق الجند، ورزقت علمًا.

يقول الامام الشافعي ( رحمه الله ) :

.

ويقول فضيلة الامام الشيخ محمد متولي الشعراوي ( رحمه الله):

تحرى إلى الرزق أسبابه

فإنـك تجـهل عنـوانه

ورزقـك يعرف عنوانك

و الرزق للمؤمن و الكافر...وقد يكون رزق احد

الكفار اوفر او اكثر من رزق المؤمن...و ذلك لسبب او لاخر.

والله جل جلاله يقول:

" فلاتعجبك أموالهم ولآ أولدهم أنما يريد الله ليعذبهم
بها فى الحيوة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كفرون "
الأية 55 من سورة التوبة.

وهكذا نرى ان المال والبنون كما هما زينة الحياة الدنيا
قد يكونان نقمة بأن يجعل الأنسان يغتر بماله وولده
فلا يسلبهما منه ويظل كافرا بالله الى أن يأتيه
الأجل فيموت وهو كافر ؛ لأنه لو أذهب الله سبحانه
وتعالى عنه المال والولد .. ربما اتجه الى السماء
وآمن وتاب وأصلح ولكن الله لشدة كفر هذا الأنسان
زاده كفر بالنعمة .. فالله سبحانه وتعالى
يعين المؤمن على ايمانه ويترك الكافر للشياطين تزيده كفرا .

وفي هذا السياق لابد ان نعلم ان :

1- الله هو الرزاق و قد تكفل برزق الجميع... من طير و حيوان و نبات

و انسان ( مؤمن او كافر ) و كل ما لا نعلم من مخلوقات الله.

2- الرزق أمر مقدر قبل بداية الحياة....

3- تقسيم الارزاق و تفاوت الناس في الرزق إنما هو قسمة

الرزاق الكريم.

4- الإنفاق و سيلة لزيادة الرزق .

5- الرزق لا يُطلب الا من الله الخالق الرزاق.

6- سعة الرزق لا تدل علي محبة الله ، و قد تكون ابتلاء.

7- للرزق اسباب دنيوية و شرعية :

الأسباب الدنيوية كالسعي علي الرزق ...و البكور في الخروج للرزق ..
و العمل الجاد و المستمر..... و المهاجرة من مكان لاخر طلبا للرزق.

...

الاسباب الشرعية لاستجلاب الرزق وبركته ...و سوف نتحدث باستفاضة

عن هذه الاسباب .

اعلم يا أخي إن الله جل جلاله، خلق الخلق، وتكفل برزقهم

وقوتهم، فآواهم وأعطاهم وأمدهم، فهذه تسعة من جوانب

عقيدة المسلم في باب الرزق.

أولاً: إن الله سبحانه وحده هو الرزاق ذو القوة المتين،

قال الله تعالى: ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ [الروم:40]

، وقال تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ أَمَّن

يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلاْبْصَـٰرَ [يونس:31]، وقال جل ذكره:

وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَزْوٰجِكُم بَنِينَ

وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مّنَ ٱلطَّيّبَاتِ أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ

[النحل:72]. إذاً كل ما بيد المسلم في هذه الدنيا فهو من رزق الله له،

أموال وبنين، بيوت ودور، مزارع وقصور صحة وعافية، كلها وغيرها

من تمام رزق الله لعبده في الدنيا.

ثانياً: رزق الخلق في الدنيا من صفات الله الدالة على كمال ربوبيته

وقيوميته، انظر إلى ما خلق الله في هذا الكون، تجده كله مرزوقاً

متقلباً في رزق الله.

ثالثاً: إن من لوزام مقتضيات الإيمان بالقضاء والقدر، في عقيدة المسلم،

في باب الرزق، أن كل خير وكل رزق يقدره الله للعبد، لا يمكن أن يخطئه

ويستحيل أن يصيب غيره، قال الله تعالى:

وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي ٱلأرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا

وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ [هود:6]. لقد تكفل الله برزق الخلق

عندما خلقهم، فلم يتركهم سبحانه هَمَلاً، ولم يتركهم جياعاً عطاشاً،

بل قدر لهم مقاديرهم، وكتب لكل نفس رزقها ولن تموت يا عبد الله،

اعلم أنك لن تموت حتى تستكمل الرزق الذي كتبه الله لك.قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:

((إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله

وأجملوا في الطلب)) [السلسلة (2866)].

إن رزقك يا عبد الله كتب لك بالدقة، حتى القرش حتى اللقمة،

وأنت في بطن أمك، أَعرني سمعك وافهم هذا الحديث،

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون

علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكاً،

ويؤمر بأربع كلمات، ويقال له، اكتب عمله و رزقه وأجله،

وشقي أو سعيد ثمُ ينفخ فيه الروح)) رواه البخاري ومسلم.

فوالله الذي لا إله إلا هو، لو اجتمعت الدنيا كلها، بقضِّها وقضيضها،

وجيوشها ودولها، وعسكرها وملوكها وأرادوا أن يمنعوا رزقاً قدره

الله لك، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولو أرادوا أن يسقوك شربة ماء،

لم يكتبْه الله لك، فإنك ستموت قبل هذه الشربة.

رابعاً: وأيضاً من جوانب الاعتقاد في الرزق، أن تقسيم الأرزاق بين الناس،

لا علاقة له، بالحسب ولا بالنسب، ولا بالعقل والذكاء، ولا بالوجاهة

والمكانة ولا بالطاعة والعصيان، وإنما يوزع جل جلاله رزقه على عباده،

لحكمة هو يعلمها، فقد يعطي المجنون، ويحرم العاقل،

وقد يعطي الوضيع، ويمنع الحسيب.

ولو كانت الأرزاق تجري على الحجـا هلكـن إذاً من جهلهـن البهائـم

ولم يجتمـع شـرق وغـربٌ لقاصد ولا المجد في كف امرئ والدراهـمُ

فإذا أُعطيتَ يا عبد الله، فلا تظن بأن هذا الرزق قد سيق إليك لأنك

من قبيلة كذا، أو لأنك تحمل الجنسية الفلانية، أو لأنك أذكى

من غيرك، لا، وإنما هذه أرزاق يقسمها مالك السماوات والأرض،

لِحِكَمٍ هو يعلمها.

خامساً: إن الرزق يُجرىَ للعبد، ليستعين به على طاعة ربه،

قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله: "إنما خلق الله الخلق،

ليعبدوه، وإنما خلق الزرق لهم، ليستعينوا به على عبادته".

إذن يعطيك الله سبحانه ما أعطاك لتلهوَ وتلعب به، وتنسى

الدار الآخرة، الذي من أجله خلقت ولأجله أُعطيت، لا يا عبد الله،

إن الله أعطاك ما أعطاك، لتستعين به على عبادته،

لا لتستخدمه في محرماته. إن أولئك الذين يستخدمون مال الله،

فيما حرم الله، وينهكون الصحة والبدن والعافية، التي هي من

أَجَلِّ زرق الله، ينهكونه ويسخرونه في شهوات حرمها الله عليهم،

هؤلاء بماذا وكيف يجيبون إذا سئلوا يوم القيامة؟

بماذا يجيب الذي يستخدم رزق الله، في سفرات محرمة،

وجلسات مشبوهة؟

بماذا يجيب من يستخدم رزق الله، في إدخال آلات ووسائل

محرمة إلى بيته، تستقبل العهر والفاحشة من شرق الدنيا

وغربها.بل قبل وبعد هذا؟

بماذا يجيب من يستخدم رزق الله في محاربة دين الله؟

إذاً فلْيُعِدَّ كلٌ لسؤال ذلك اليوم جوابا.

سادساً: كثيراً ما يُربط في القرآن بين رزق الله للعباد،

وبين مطالبة العباد للإنفاق في سبيل الله، من ذلك الرزق،

الذي تفضل هو به عليهم، يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ

أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ

هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَـٰكُمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ

أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولُ رَبّ لَوْلا أَخَّرْتَنِى إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ

فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ وَلَن يُؤَخّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء

أَجَلُهَا وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:9-11].

وكثيراً ما يصف الله سبحانه المؤمنين بأنهم مما رزقناهم ينفقون،

قال الله تعالى: قُل لّعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ

مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّا وَعَلانِيَةً [إبراهيم:31]، وقال تعالى:

وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّا وَجَهْرًا [النحل:75]،

وقال سبحانه: ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ

[الأنفال:3]، ما دلالة هذه الآيات؟

إن هذه الآيات وأمثالها تدل على أن من المقاصد الأساسية

لرزق الله للعبد، هو أن يُتعَبَّدَ اللهُ بهذا الرزق، ولهذا تجد أن

الفقهاء يذكرون في كتب الفقه، أنّ على العباد، عبادات مالية،

ويضربون لذلك مثلاً الزكاة، وعبادات بدنية كالصلاة، ونوع ثالث

تجتمع في العبادات البدنية والمالية، ويضربون لذلك مثلاً بالحج.

فأنت تنفق من رزق الله وتصرف في الحج تتعبد بذلك لله.

إذاً من المقاصد الأساسية لرزق الله، هو التعبد لله به، بالنفقة

والزكاة والصدقة والوقف وبإطعام الطعام، والهدية، والهبة،

فهذه كلها وغيرها ينفقها المسلم من رزق الله، تعبداً لله.

كل هذا ليس بغريب، لكن الغريب هو العكس أن لا يتَعَبَّدَ العبدُ الله

من رزقٍ لله، والعجيب أن يمسك العبد عن العطاء لله، من رزق الله.

هذا هو الغريب.

سابعاً: ومن عقيدة المسلم في الرزق، أن الله جل وعز،

فضل بعض الناس على بعض في الرزق، فأعطى هذا وبسط

له الكثير، وأعطى ذاك أقل منه، وحرم الثالث فلم يعطهِ شيئاً.

قال الله تعالى: وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلْرّزْقِ [النحل:71]،

وهذا ليس بغريب وليس بسر، لكن من لطيف أسرار الرزق،

أنك تجد الأول الذي بُسط له في الرزق، ويملك الكثير، لا يشعر بذلك،

بل يشعر أنه محروم يملك، لكن حياته جحيم، يملك،

ويعيش حياة من لا يملك.

والآخر، الذي أعطِيَ القليل وفي كثير من الأحيان لا يكفيه،

ولا يكفي عياله، ومع ذلك يرى أنه قد أوتي خيراً كثيراً، وأنه رُزق

رزقاً عظيماً.ما السر في ذلك ؟

السر، أن الرزقَ الحقيقي رزقُ القلب بالإيمان والقناعة،

فمن رزقه الله القناعة، فقد أوتي خيراً كثيراً، وأحسَّ بالسعادة

في دنياه قبل آخرته. كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى

الأشعري رضي الله عنه يقول له، "واقنعْ برزقك من الدنيا فإن

الرحمن فضل بعض عباده على بعض في الرزق.

ثامناً: ومن العقائد المهمة في باب الرزق، أنه لا يُطلب

إلا من الله، ولا يُسأل إلا وجهه الكريم، إذا سألت فاسألِ الله،

وإذا استعنت فاستعِنْ بالله، ولذا ذمَّ الله تعالى أولئك الذين

يدعون غيره في طلب الرزق، فقال سبحانه:

وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مّنَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ

وَٱلأرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ [النحل:73]، وأمر جل وتعالى عباده

المؤمنين بطلب الرزق عنده فقال:

فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ [العنكبوت:17].

من طلب الله وسأله وبذل الأسباب وتوكل عليه، أعطاه الله،

وسخر له ما لا يتوقع، ورزقه من حيث لا يحتسب.وأتته الدنيا وهي راغمة.

وأما من التفت إلى غير الله، وتعلق قلبه بما في يد فلان وفلان،

ظن أنهم سيعطوه، وترك سؤال الله، أذله الله، وحرمه ما تمنى

ولم يأتِهِ من الدنيا إلا ما قُدِّرَ له.

أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّواْ فِى عُتُوّ وَنُفُورٍ [الملك:21].

أما علم ذلك أولئك الذين باعوا ذممهم لعرض من الدنيا قليل،

وباعوا دينهم مقابل قطعة أرض، أو حفنة مال. إن أولئك الذين يلوون

أعناق النصوص. ويستظهرون فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان طمعاً

في الدنيا، هؤلاء سيمحق الله بركة علمهم إذا كان عندهم علم،

وسيمحق بركة العَرَض الذي نالوه، بل وسيمحق بركة حياتهم كلها،

أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّواْ فِى عُتُوّ وَنُفُورٍ .

تاسعاً: إن عطاء الله، وإغداقه سبحانه في الرزق على العبد،

لا يدل على محبة الله لهذا العبد، ورضاه عنه

وَمَن كَفَرَ فَأُمَتّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ [البقرة:126]،

فلو وُسِّعَ عليك في رزقك، وأصبحت تربح الألوف بدل المئات،

والملايين بدل الألوف، فلا تظن بأن هذا بسبب محبة الله لك،

فالله قد يعطي الفجار أكثر من الأبرار، وقد يرزق الكافر

ين أضعاف أضعاف المسلمين، قال الله تعالى:

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا بِيّنَـٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ أَىُّ

ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ هُمْ

أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءياً قُلْ مَن كَانَ فِى ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً

حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ

هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَواْ هُدًى

وَٱلْبَـِّقِيَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً [مريم:73-76].

وأَعرني سمعك ـ يا أخي ـ لحديث عقبة بن عامر في المسند،

وهو حديث صحيح، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: ((إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا، وهو قائم على

معاصيه فليحذرْ فإنما هو استدراج)) ثم تلا قوله تعالى:

فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء حَتَّىٰ

إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ [الأنعام:44].

قال الله تعالى: فَأَمَّا ٱلإِنسَـٰنُ إِذَا مَا ٱبْتَلـٰهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ

فَيَقُولُ رَبّى أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ٱبْتَلَـٰهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبّى أَهَانَنِ [الفجر:15، 16].

ويشغل بالَ كثيرٍ من الناس، طلبُ الرزق، وكيف يكون؟ويلجأ بعضهم

إلى طرق ملتوية ومحرمة للحصول على الأرزاق وما علم أولئك أن

الحرام يمحق البركة، وجهلوا الأسباب الشرعية التي بها

يُستجلب الرزق، وبها تفتح بركات السماء، فإليك ـ يا أخي

ـ الا سباب الشرعية، بها يُستجلب الرزق، هل تستطيع

حفظها والأهم العمل بها؟

أولاً: الاستغفار والتوبة، نعم، التوبة والاستغفار، قال الله تعالى:

فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً

وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً

[نوح:10-12]، قال القرطبي رحمه الله: "هذه الآية دليل على أن

الاستغفار يُستنزل به الرزق والأمطار"، وقال ابن كثير

رحمه الله: "أي إذا تبتم واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم".

جاء رجل إلى الحسن فشكا إليه الجَدْب، فقال: استغفر الله،

وجاء آخر فشكا الفقر، فقال له: استغفر الله، وجاء آخر فقال:

ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال: استغفر الله، فقال أصحاب الحسن:

سألوك مسائل شتى وأجبتهم بجواب واحد وهو الاستغفار، فقال

رحمه الله: ما قلت من عندي شيئاً، إن الله يقول:

فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً

وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً .

ثانياً: ومن أسباب الرزق ومفاتحه، التوكل على الله،

الأحد الفرد الصمد، روى الإمام أحمد والترمذي وغيره،

بسند صحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم:

((لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما

يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً)) قال الله تعالى:

وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمْرِهِ

قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلّ شَىْء قَدْراً [الطلاق:3].

ثالثاً: من أسباب الرزق، عبادة الله، والتفرغ لها،

والاعتناء بها، أخرج الترمذي وابن ماجه وابن حبان

بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول: يا ابن آدم

تفرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأَسُد فقرك، وإن لا تفعل

ملأت يديك شغلاً، ولم أَسُد فقرك)).

رابعاً: من أسباب الرزق، المتابعة بين الحج والعمرة،

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: ((تابعوا بين الحج والعمرة،

فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد))

رواه النسائي وغيره بسند صحيح. قال أهل العلم:

إزالة المتابعة بين الحج والعمرة للفقر، كزيادة الصدقة للمال.

خامساً: مما يُستجلب به الرزق، صلة الرحم، قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم:

((من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنْسَأ له في أثره، فليصل رحمه))

رواه البخاري. وفي رواية:

((من سره أن يُعظم الله رزقه وأن يمد في أجله فليصل رحمه)) رواه أحمد.

أين أنت ـ يا عبد الله ـ من صلة الرحم، إن كنت تريد بسط الرزق

بدون صلة الرحم، فهيهات هيهات، فاتَّقِ الله وصِلْ رحمك يبسط لك

في رزقك ولعلك تعجب من أن الفَجَرَة إذا تواصلوا بسط الله لهم في

الرزق، اسمع لهذا الحديث الصحيح، الذي رواه الطبراني من

حديث أبي بكرة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إن أعجلَ الطاعة ثواباً لَصِلَةُ الرحم، حتى إن أهل البيت

ليكونوا فَجَرة، فتنموَ أموالهم، ويكثر عددهم، إذا تواصلوا)).

مداخلة :

كيفية بسط الرزق وتأخير الأجل

تقدم في الأحاديث أن صلة الرحم تبسط الرزق وتنسأ في الأجل , قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم : بسط الرزق بتوسيعه وكثرته وقيل بالبركة فيه , وأما التأخير في الأجل ففيه سؤال مشهور , وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون }

وأجاب العلماء بأجوبة , منها وهو أصحها أن هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات , وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك , أو بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة في اللوح المحفوظ ونحوه , فيظهر لهم أن عمره ستون سنة مثلا إلى أن يصل رحمه , فإن وصلها يزاد له أربعون وقد علم الله تبارك وتعالى ما سيقع له من ذلك وهو من معنى قوله { يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب } وأما بالنسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قدره فلا زيادة بل هي مستحيلة . وأما بالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين فتنعقد الزيادة وهو مراد الحديث . انتهى . .

http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=44&ID=123&idfrom=201&idto=202&bookid=44&start=0

سادساً: من أسباب الرزق أيضاً، الإنفاق في سبيل الله، قال الله تعالى: وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ [سبأ:39]. ((أنفقْ يا بلال ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً)) صححه الألباني. روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: ((يا ابن آدم أنفِقْ أُنفِقُ عليك)) الله أكبر ما أعظمه من ضمان بالرزق، أنفقْ أُنفقُ عليك.

سابعاً: من أسباب الرزق ومفاتيحه، الإحسان إلى الضعفاء والفقراء. وبذل العون لهم، فهذا سبب في زيادة الرزق وهو أحد مفاتيحه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم)) رواه البخاري.

فمن رغب في رزق الله له، وبسطه عليه، فلا ينسَ الضعفاء والمساكين، فإنما بهم ترزق ويُعطى لك، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يقول: ((أبغوني في ضعفائكم فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)) رواه النسائي وأبو داود والترمذي.

ثامناً: من مستجلبات الرزق، المهاجرة في سبيل الله، والسعي في أرض الله الواسعة، فما أغلق دونك هنا، قد يفتح لك هناك، وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِى ٱلأرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً [النساء:100]، كم من الناس تركوا بلاداً، هي أحب البلاد لقلوبهم ولو خيروا لاختاروها على غيرها ـ لكنه الرزق ـ فتح الله عليهم في غير أرضهم، وفي غير بلادهم. ولله الأمر من قبل ومن بعد.


تاسعا: شكر الله تعالى

قال تعالى ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) فعلَّق سبحانه المزيد بالشكر، والمزيد منه لا نهاية له.

عاشرا : الزواج

قال تعالى ((وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: عجباً لمن لم يلتمس الغنى في النكاح، والله يقول : ((إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)).


حادي عشر : الدعاء واللجوء إلى الله عند الفاقة

قال صلى الله عليه وسلم (من نزلت به فاقةٌ فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل) [رواه الترمذي وصححه الألباني] .

مداخلة : الفرق بين الكسب و الرزق

في مختار الصحاح باب ( كسب ) أن ( الكسب ) هو طلب الرزق و أصله الجمع
كما أن كلمة ( الرزق ) هو ما ينتفع به و الجمع ( الأرزاق ) و ( الرزق ) أيضاً هو العطاء
من هنا نستطيع أن نفرق بين الكسب و الرزق .. فنقول و بالله و التوفيق

ما هو الكسب ؟
الكسب هو طلب الرزق و بمعنى أوسع هو العمل و إن شئت قل هو نتيجة العمل سواء كانت هذه النتيجة مادية أو معنوية .
فمن يعمل لدى إنسان أو مصلحة أو مؤسسة فإنه يكسب نتيجة عمله هذا أجرا مادياً ..فالأجر هنا هو الكسب الذي هو نتيجة للعمل .
و نجد في قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }البقرة267 و قوله تعالى ( أنفقوا من طيبات ما كسبتم ) أي من أجود ما كسبتم من مال ..لأن الإنفاق لا يكون إلا بالمال فالمقصود بالكسب هنا ما جنيته من مال نتيجة عملك و تجارتك و ما وهبه الله لك .
و إن جعلنا الأمر على نطاق أوسع وجدنا أن من يعمل عملا صالحا يكسب حسنات مقابل ذلك و من يعمل عملا سيئاً ( عافانا الله و إياكم )يكسب السيئات و الآثام .
و في ذلك يقول الحق سبحانه و تعالى {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }البقرة281 .. أي ما كسبت من خير أو شر .

ما هو الرزق ؟

الرزق هو كل ما ينتفع به من مال و مأكل و مشرب و مسكن و مركب و كل ذلك و هو مكفول و مضمون بضمان الله عز و جل له {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }هود6 .. {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }الذاريات22 ..و لا ينفد رزق الله أبداً {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ }ص54 .. و في الحديث قال عبد الله بن مسعود حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق أنه يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات فيقول اكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أم سعيد فوالذي نفسي بيده إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها * ( صحيح )

و الآيات في الرزق كثيرة و تبين أن الرزق بيد الله سبحانه و تعالى و لم يجعل لأحد من المخلوقين إليه سبيلا فهو سبحانه و تعالى الرزاق قال في كتابه الحكيم {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }هود6 فلا خوف من فوات الرزق و ضياعه و لكننا مطالبين بالسعي و تحقيق التوكل على الله تعالى بأخذ الأسباب ففي الحديث قال عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا * ( صحيح )

و بعد أن علمنا ما هو الكسب و ما هو الرزق يتضح لنا الفرق بينهما ...

فالكسب هو ذلك الأجر الذي تحصل عليه لقاء أي عمل تقوم به و لا يأتيك إلا ببذل مجهود
و الرزق هو ذلك العطاء المقسوم لك من رب البرية و هو الذي ييسره لك إما عن طريق طلبك له ( كأن تقوم أنت بالعمل ) و إما أن يأتيك بدون طلب و سعي منك ( كأن تكون أنت تحت رعاية و كفالة غيرك )فنحن نجد على مستوى الأسرة أن رب الأسرة هو الوحيد الذي يعمل و يتكسَّب و ما يأخذه من راتب ما هو إلا رزقه و رزق من يعول من أفراد أسرته ...فرزق الزوجة و الأبناء يأتيهم بدون سعي منهم عن طريق كسب الأب ..

فكل كسبٍ رزقاً و ليس كل رزقٍ كسباً ..
فالكسب لا يأتي إلا بسعي و طلب ...و الرزق قد يأتي بسعي و بدون سعي ...


الكسب و الرزق في القرآن الكريم ...

بالبحث عن كلمة ( كسب ) في القرآن نجدها قد تكررت (57) مرة بتركيبات مختلفة مثل ( كسب /كسبت / كسبوا /كسبتم /تكسبون /يكسبون ............ الخ )
و جميعها بمعنى كسب الحسنات و السيئات مثل قوله تعالى {وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ }الأنعام3 أي و يعلم ما تكسبون من خير و شر و في هذا قال الحق سبحانه {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }غافر17 و قال أيضا {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ }المدثر38
و هنا نجد أن كلمة كسب إذا أطلقت في الآية كان المقصود بها كسب الخير أو الشر كما في الآيات السابقة ..
أما إذا أتت مقيدة فيقصد بها ما قيدت به مثل قوله تعالى {بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة81 و قوله أيضاً {وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء111 .. فالكسب هنا واضح جلي يتحدث عن كسب السيئات و الآثام ..
و لكن هناك مرة واحدة و ردت كلمة (كسب)بمعنى كسب المال في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }البقرة267 ففي هذه الآية نداء من الحق سبحانه و تعالى لعباده المؤمنين و أمر لهم بالانفاق من أطيب و أجود ما كسبوا من المال ( المال بشتى صوره سواء كان نقداً أو عروض تجارة ... الخ )

و بالبحث عن كلمة ( رزق ) في القرآن نجدها قد تكررت (105) مرة بتركيبات مختلفة مثل ( رزق / رزقكم / ترزقون / يرزقون / يرزق /رزقها / رزقا / رزقناكم / رزقناهم ...... الخ )
فتارة تجدها في وصف المؤمنين في قوله تعالى {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }البقرة3
كما تجدها في وصف ما للمؤمنين عند ربهم في الجنة {أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }الأنفال4 و نجدها أيضاً في آية تبين تفاوت الأرزاق بين العباد فهناك الغني و هناك الفقير و هذا لحكمة يعلمها الله سبحانه و تعالى إذ يقول عزّ و جلّ {وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }النحل71 لذلك قال الحق سبحانه و تعالى {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }الإسراء30 .. أي يبسط الرزق و يوسعه على من يشاء من عباده .. و يضيقه أيضا على من يشاء من عباده . فهو سبحانه عالماً ببواطنهم و ظواهرهم فيرزقهم على حسب مصالحهم
و الرزق قد كفله الله سبحانه و تعالى كما أسلفنا في قوله عزّ من قائلٍٍ

{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }هود6
و هو متاح للجميع و لكن يحتاج منا أن نسعى في طلبه كما قال تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }الملك15 و تفسير هذا هو أن الله وحده هو الذي جعل لكم الأرض سهلة ممهدة تستقرون عليها, فامشوا في نواحيها وجوانبها, وكلوا من رزق الله الذي يخرجه لكم منها, وإليه وحده البعث من قبوركم للحساب والجزاء. وفي الآية إيماء إلى طلب الرزق والمكاسب, وفيها دلالة على أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، وعلى قدرته, والتذكير بنعمه, والتحذير من الركون إلى الدنيا.( التفسير الميسر ).
و أكبر دليل على أنه لا بد للرزق من سعي إليه من قبل العبد ما جاء في قصة مريم عليها السلام من قوله تعالى لها {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً }مريم25 .. فهذا أمر من الله لها أن تقوم بهز جذع النخلة و هي التي قامت لتوها من المخاض و بها من الضعف و الوهن ما لا تستطيع معه أن تنقل حجرا من الأرض فضلا عن أن تقوم بهز جذع النخلة و الحق سبحانه و تعالى قادر على أن ينزل لها الرطب دون أن نقوم هي بهز الجذع و لكن لنتعلم أنه لا بد من السعي على الرزق .

فاللهَ سبحانه و تعالى أسأل ُ أن يجعلَ كسبنا لمعاشنا في الحياة الدنيا كسباً حلالاً طيباً و أن يجعل كسبناً لحياتنا الآخرة عملاً صالحاً متقبلاً
و نسأله سبحانه و تعالى أن يرزقنا رزقا حلالا طيباً و أن يبارك لنا فيه كما نسأله أن يرزقنا حبه و حب من يحبه و حب عمل يقربنا إلى حبه
إنه ولي ذلك و القادر عليه
هذا و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.

مداخلة :

إذا كان الله قد كتب الرزق لكل إنسان فلماذا يموت الناس من الجوع ؟

المفتي: عبد الرحمن بن ناصر البراك الإجابة:

فإن الله هو الرزاق وهو خير الرازقين وما من دابة إلا على الله رزقها ، وإنّ رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره ، ومن حكمة الله تعالى أن فارق بين العباد في أرزاقهم كما فارق بينهم في خلقهم وأخلاقهم فهو تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أن يوسع الرزق على قوم ويضيقه على آخرين فهو تعالى متكفل بأرزاق العباد على ما سبق به علم الله وكتابه وقد علم سبحانه وتعالى وكتب أن من العباد من يبسط له في رزقه ومنهم من يضيق عليه ولله في ذلك حكم بالغة لا تحيط به العقول ، ومن حكمته تعالى في البسط والتضييق ابتلاء العباد بالنعم والمصائب كما قال تعالى {ونبلوكم بالشر والخير فتنة } ، وقال تعالى {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن , وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن } ثم قال تعالى {كلا }أي ليس الأمر كما يظن هذا الإنسان بل تنعيمه تعالى وتضييقه على من شاء ليس إلاّ ابتلاء لا إكراماً ولا إهانة ، ، وبهذا الإبتلاء يتبين الشاكر والصابر من ضدهما والله بكل شيء عليم .

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يزقنا جميعا حلالا

طيبا و هو خير الرازقين...و أن يرزقنا الطاعة و القناعة و بحب

الرسول الكريم الشفاعة....و الا يجعل فينا و لا بيننا شقيا

او محروما..... و أن يوسع لنا في أرزاقنا و يبارك لنا فيها...

و أن يثيب كل من ساهم في الموضوع من الثواب اكمله

وأشمله و أعمه...وان يجزل لهم العطاء و يجعل عملهم

في ميزان حسناتهم.

تحياتي و كل عام و انتم بخير .

الروابط :

http://www.islamdoor.com/k/mafeteeh.htm

http://www.kanadeelfkr.com/vb/showthread.php?t=1403

­­­­­­­